منتدى الحوار والإصلاح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

السبيل إلى العزة والتمكين 2

اذهب الى الأسفل

السبيل إلى العزة والتمكين 2 Empty السبيل إلى العزة والتمكين 2

مُساهمة من طرف heeedi 29.01.08 11:27

كونوا أولياء الله تنصروا


لو لم يكن
المسلمون بمثابة الغثاء، وإنما كانوا أصحاب إيمان حقيقةً، فاهتبل الشيطان غفلتهم
البشرية، وحرك من أنفسهم العجب بكثرتهم، لم يحالفهم النصر كما حصل ذلك لأصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين، حتى قال الله تعالى: ((
لَقَدْ نَصَرَكُمُ
اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ
فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ
ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ
)) [سورة التوبة:25].


وهذا درسٌ بليغ،
وحجة دامغة لمن يهتمون بالتجميع وصفوفهم مهزوزة بالخلاف العقدي والتمزق الطائفي
البدعي، فإن الحديث السابق قد بين بنصه أن فساد القلوب - التي هي المحل الأصلي
للعقيدة - بحب الدنيا وكراهية الموت يحرم أهلها من رهبة عدوها منها، فكيف بالنصر؟!



وأما الآية
الأخيرة، فقد بينت أن الذين حققوا الإيمان، لكنهم غفلوا لحظة من جهادهم غفلة ما عن
ربهم فمنوا بالهزيمة، ولولا أن الله عز وجل رأى منهم الصدق في المبدأ
والأوبة في المنتهى لطال الأمر، ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولا.



فكيف يطمع في
النصر من استدام الغفلة عن الله، بل استثقل الحديث عن التوحيد الذي هو حق الله،
بل استحل الخروج عن عقيدة السلف، وركن إلى فلسفة من خلف؟!



ونقول لمن يكره
هذه اللغة، ويحسبها تثبيطاً: مهلاً مهلاً، فإن غثائيتكم - ولو كانت حركية
- لا تزيد المسلمين إلا وهناً وهناً!



والأغرب في هذا
أن الذين يرون أنفسهم مهمومين بالقضية الإسلامية دون غيرهم إذا سُئلوا عن عقيدة من
يدعمون ممن يسمونهم ( مجاهدين!)، قالوا: ليس الوقت وقت السؤال عن هذا، لأنهم
- حسب فلسفتهم الميكيافيلية - يذحبون وأنتم تسألون عن تدينهم؟!! ولم ينتبهوا إلى
أن الله سلط عليهم من يذبحهم بسبب ذنوبهم، ولو كانوا صالحين لتولاهم ربهم، وما تركهم
نهباً لعدوه وعدوهم، ففي القرآن: ((
إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ
الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ
)) [سورة الأعراف: 169].


وهذا الجواب
الذي يجتره الحركيون على بكرة أبيهم أضحى عندهم - على اختلافهم - كالإرث المشاع،
وترك المسلمين قصاعاً بين جياع، ولا يكادون يدخلون معركة اليوم إلا خرجوا منها
مهزومين، وأكدوا للكفار أن لا ناصر للمسلمين، فلم يشك الكفار أن دين الإسلام كذب،
فأي جناية على الإسلام والمسلمين أعظم من هذه؟!






سبيل الولاية بالرجوع إلى الدين الصحيح


إذا كان حديث
ثوبان السابق قد شخص الداء، فإن في حديث ابن عمر الآتي وصفاً وافياً للدواء، فعن
ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((
إذا تبايعتم بالعينة،
ورضيتهم بالزرع، واتبعتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا
ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم
)) رواه أحمد وأبو داود وهو حسنٌ.


وها هنا
فائدتان:



الأولى: أن هذا الحديث لم يخرج بتفصيلة للأدواء عما في حديث ثوبان، لأن قوله
صلى الله عليه وسلم: ((
إذا تبايعتم بالعينة )) إلى قوله: (( واتبعتم أذناب البقر )) هو تفصيل
لقوله المجمل: ((
حب الدنيا ))، وقوله صلى الله عليه وسلم: (( تركتم الجهاد )) هو المسبب عن
قوله صلى الله عليه وسلم: ((
كراهية الموت ))، فتأمل لفظ الحديثي، فقد خرجا من مشكاةٍ واحدة.


الثانية: أن الناس قد اختلفوا في معالجة هذه الأدواء المذكورة، فمنهم من يرى
الحل السياسي، ومنهم من يرى الحل الدموي، ومنهم من يرى الحل الحضاري، ومنهم..
ومنهم... وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فيرى الحل الديني الدعوي التربوي، لأن
الناس إذا تدينوا بدين الحق، وعملوا بسنة سيد الخلق، صلح أمرهم جميعاً، وأما إذا
تخلفوا عن الرجوع إلى دينهم، فإنه حريٌ بهم أن يجبنوا عن تحقيق بقية الحلول، ولذلك
كان أهل السنة السلفيون أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم وأسعدهم بدعوته،
لما يدأبون عليه من تعليم الناس الهدى والصبر على ذلك، حتى يريهم الله من قومهم
استجابة غالبة: ((
وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ
مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
)) [سورة الروم:
4-5]، وأما إن لم يستجب لهم، لا سيما في دعوة التوحيد، فإنهم صابرون على هذا
الطريق لا ينحرفون عنه حتى يلقوا الله على الربانية التي قال الله فيها: ((
وَلَـكِن
كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ
تَدْرُسُونَ
)) [سورة آل عمران 79].


ولهذا لم يصح
اجتهاد أصحاب الحلول السياسية أو الدموية أو الحضارية أو غيرها، مع قوله صلى الله
عليه وسلم الصريح: (( حتى ترجعوا إلى دينكم ))، ولا سبيل إلى الرجوع إلى الدين إلا
بتعلمه، فعاد الأمر إلى التعليم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إنما
العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم )) رواه البخاري في الأدب المفرد وهو صحيح.



وأعظم شيء يعدّه
المؤمنون ليتقووا على عدوهم، أن يتصلوا بالله، توحيدا، محبة، رجاء، خوفا، إنابة،
تخشعا، وقوفا بين يديه، استغناء عما سواه، قال الله تعالى: {
وعد الله
الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم
وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليـبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون
بي شيئا
}


فهل انـتبه
المسلمون لهذا الشرط العظيم {
يعبدونني لا يشركون بي شيئا


وهل يرشح للنصر
من يعلق أمله بحجر؟



هل يرشح للنصر
من يستغيث بميت من البشر؟



هل يرشح للنصر
من يسجد عند قبر؟



هل يرشح للنصر
من يطوف بمشهد رجل صالح؟



هل يرشح للنصر
من يجعل سره وعلانيته بيد وليّ، أو يقسم بـنـبـيّ؟



كل هؤلاء لا
يرشحون للنصر، وكل هؤلاء فينا منهم الكثير.



لقد روى الإمام
أحمد بسند صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "
بشر هذه الأمة
بالسناء والدين، والرفعة والنصر والتمكن في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة
للدنيا، لم يكن له في الآخرة من نصيب
".


فالتبشير حاصل،
والوعد محقق ولا ريب، لكن تأملوا شرط الإخلاص في قوله: "
فمن عمل منهم
عمل الآخرة للدنيا
" أي هو في صفة عمله عمل حسن، لكنه أراد به هذه الدنيا ومتاعها
الرخيص، فلذلك لا ينصر، فكيف بمن عمله بغير عمل الآخرة، أي بغير طاعة الله عز وجل.



لقد خرج عصبةُ
المؤمنين أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في غزوة حنين، وكان منهم
رجال جدد في الإسلام، فرأوا أن المشركين يعلقون أسلحتهم بشجرة يقال لها ذات أنواط،
يطلبون منها البركة - كما يفعل كثير من جهال المسلمين اليوم، الذين فقدوا الله،
وضيعوه، فلجأوا إلى خلقه - فقال هؤلاء الضعفة - وكانوا حديثي عهد بالجاهلية
والشرك- قالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط.



فقال عليه
الصلاة والسلام: "
الله أكبر - وفي رواية: سبحان الله - إنها السنن، لقد قلتم والذي
نفسي بيده، كما قال قوم موسى لموسى: ((
اجعل لنا إلها كما لهم آلهة )) " رواه
أحمد وهو صحيح.



تأملوا هذا
الحديث، ما أعظمَه، لم يمنع النـبـيَّ صلى الله عليه وسلم جدةُ إسلامهم، من أن ينكر
عليهم كلمة شرك، ولم يمنع النـبـيَّ صلى الله عليه وسلم كونُه خارجا بهذه العصبة
الطـيـبة لمجاهدة الكفار الخلَّص، أن يسكت عن خطأ منهم عقديّ، لأنه لو سكت عنه
لـتـعـثر الجهاد، وأصابه ما الله به عليم.



فلا يجوز أبدا
أن يُسكتَ عن حق الله في أن يعبد وحده، هذا شرط عظيم.



وما دامت الأمة
لم تـنـتبه إلى تحقيق التوحيد، وما دام يُسْكتُ عن العجائز وكبار السن، بل وعن
كثير من المثقفين، الذين يتعلقون بكذب ساحر، أو خبـر كاهن، أو يتعلقون بآمال ضائعة
عند مشهد قبر صالح، أو غير ذلك من الشركيات المعلومة اليوم، فلا يمكن لهذه الأمة
أن تنشد نصرا، أو أن تطلب مجدا.



وإذا كانت هذه
هي شدة الرسول صلى الله عليه وسلم وغضبه في الله على من طلب مجرد التشبه بمن يعلق
سلاحه بشجرةٍ دون أن يعبدها أو يدعوها، فكيف يكون غضبه على من يستنصر بصاحب قبرٍ،
أو يحمل معه شيئاً من ترابه أو آثاره طلباً للظفر، قال ابن القيم رحمه الله في
إغاثة اللهفان [2/205]: " فإذا كان اتخاذ هذه الشجرة لتعليق الأسلحة والعكوف
حولها اتخاذ إلهٍ مع الله تعالى، مع أنهم لا يعبدونها ولا يسألونها، فما الظن
بالعكوف حول القبر، والدعاء به، ودعائه، والدعاء عنده؟!



فأي نسبةٍ
للفتنة بشجرةٍ إلى الفتنة بالقبر لو كان أهل الشرك والبدعة يعلمون ؟! ".



قلت: ولا يزال
الناس يذكرون من كان لا يخرج لقتال الشيوعيين حتى يتوسط إلى الله بصاحب قبرٍ، وإلى
الله المشتكى!






ابن تيمية
يعلم الناس التوحيد في جهادٍ دفاعي






لما داهم التتار
أهل الشام، خرج المسلمون لمواجهتهم، وكانت فيهم شركيات، فجعل ابن تيمية رحمه الله
يصحح عقيدتهم ويدعوهم إلى التوحيد، كما قال في رده على البكري المطبوع باسم "
تخليص كتاب الاستغاثة " [2/731-738: تحقيق عجال]: " وكان بعض الأكابر من
الشيوخ العارفين من أصحابنا يقول: هذا أعظم ما بينته لنا، لعلمه بأن هذا أصل
الدين، وكان هذا أمثاله في ناحيةٍ أخرى يدعون الأموات، ويسألونهم، ويستجيرون بهم،
ويتضرعون إليهم، وربما كان ما يفعلونه بالأموات أعظم، لأنهم إنما يقصدون الميت في
ضرورةٍ نزلت بهم، فيدعونه دعاء المضطر، راجين قضاء حاجتهم بدعائه والدعاء به أو
الدعاء عند قبره، بخلاف عبادتهم الله تعالى ودعائهم إياه، فإنهم يفعلونه في كثير
من الأوقات على وجه العادة والتكلف، حتى إن العدو الخارج عن شريعة الإسلام لما قدم
دمشق خرجوا يستغيثون بالموتى عند القبور التي يرجون عندها كشف ضرهم، وقال بعض الشعراء:



يا خائفين من
التتر ** لوذوا بقبر أبي عُمر



أو قال:


عوذوا بقبر
أبي عمر ** ينجيكم من الضرر
".


قلت: ولعل
القارئ قد انتبه إلى أن هذا كان في جهاد الدفع لا جهاد الطلب، وفي هذا ردٌ صريحٌ
على الذين لا يهتمون بتصحيح العقيدة عند هذا النوع من الجهاد، ويزعمون أن هذا خاص
بجهاد الطلب، والله الموفق.

heeedi

ذكر
عدد الرسائل : 228
Localisation : تونس
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 16/01/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى